اللغة العربية المعاصرة بين ضعف الطبائع والسلائق وشيوع الأخطاء والمزالق

اللغة العربية المعاصرة بين ضعف الطبائع والسلائق وشيوع الأخطاء والمزالق

Authors

  • أ.د. سعدون أحمد علي الرَّبَعيّ الجامعة العراقية / كلية الآداب

Abstract

       اللُّغة عنصر مهم في الحياة وللحياة، فضلا عن كونها أداة للتواصل والتخاطبِ، إنَّها
انتماءٌ وهُويّةٌ وثقافةٌ، ووعاءٌ يحملُ موروثَ الأمةِ العلميَّ والتاريخيَّ والأدبيَّ. واللغةُ هي مَن تُقيمُ روابط َ الاتصالِ والانسجامِ بين أبناءِ الأمةِ الواحدةِ وبينَ تأريخِهم، إذ تجعلُ من الأمةِ الناطقةِ بها كلاً متراصًّا. ولغتنا العربية هي سيدة اللغات جميعا، أشرفُهُنَّ مكانةً وأحسنُهُنَّ وضعا، ذلك أنها لغة التنزيل ﭽ ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ     ﮚ     ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ     ﮥ  ﭼ [سورة الشعراء: 192-195] ، ومما يدُلُّ على عِظَمِ لغتنا العربيةِ وعُلُوِّ كَعْبِ أهلِها في كمالِ الذوقِ وجودةِ السليقة أنَّها لغةٌ اشتقاقيةٌ تنمازُ بالسَّعَةِ والثراءِ ودقةِ التعبيرِ والايجازِ والمجازِ، وجمالِ الصوت، وبهاء الأسلوب؛ لهذا كلِّه تبوأت لغتُنا العربيةُ مقعدًا ساميًا بين لغات الأمم. غير أنها في القرون الأخيرة تراجعت عن مكانتها وضعفت سلائق أبنائها لأسباب سنسلط الضوء عليها، أدَّت إلى تفشي الأخطاء اللغوية فيها، ولعلّ من أشدّ محاولات التشويه للغتنا العربية المعاصرة وأكثرها سلبيَّة ما يشيع في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي المعاصر من ازدواج لغويّ بين العربية واللغات الأعجمية الأخرى، فبعد أن تحوَّل العالم إلى قرية صغيرة بفضل التقدم الهائل في عالم التكنولوجيا والانترنيت برزت في الاستعمال اللغويّ لغة هجينة تُدمَجُ فيها الأحرف العربية بالأحرف اللاتينية في كلمة واحدة، من مثل قولهم: (لايكات) بمعنى إعجابات، وهي صيغة جمع مزعوم لـ(like) في الإنجليزية، و(سايتات) بمعنى مواقع، وهي صيغة جمع مزعوم لـ( sate) في الإنجليزية، و(سلايدات) بمعنى شرائح، وهي صيغة جمع مزعوم لـ(slide) في الإنجليزية،...إلخ، بزيادة لاحقةِ جمعِ المؤنث السالم في العربية (الألف والتاء) على المفرد اللاتيني لتوليد صيغة الجمع الجديدة، فتولدت بذلك لغة هجينة نخشَى أنَّ تشيع ويكثر استعمالها فتكون سببًا في اندثار ألفاظ عربية كثيرة من الاستعمال اللغوي فتؤول ألفاظا مماتة، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى سبر غور المعجمات العربية القديمة لنفض الغبار عما تزخر به من الألفاظ غير المستعملة وإعادة الحياة إليها بلطف الصنعة، وتصحيح نسبة بعض الألفاظ التي وصفتها المعجمات العربية القديمة بالمعرَّبة أو الدخيلة وذلك بإرجاعها إلى أصلها العربي، على وفق ما عمله العلامة المرحوم الدكتور طه باقر في كتابه ( من تراثنا اللغوي القديم ما يسمى في العربية بالدخيل).

Published

2019-09-01