الحراك الجيبولوتيكي الاقليمي لتركيا الفرص والتحديات
الحراك الجيبولوتيكي الاقليمي لتركيا الفرص والتحديات
Abstract
حين عصفت رياح التغيير في انهيار الكتلة الشيوعية وهاجت مشاعر القوميات المختلفة والشعوب المتنوعة فيه، شرعت الجماعات والفئات تبحث عن تأريخها وامجادها وهويتها القومية وخصائصها الثقافية وعقائدها الدينية، وكانت تركيا اكثر التهابا في صداها لهذه الانبعاثات القادمة من القوقاز الكبير الى الشمال ومن الشرق القريب من اذربيجان ومن الشرق القريب من الصين في جمهوريات وسط اسيا، ولم تمتلك التطلعات التركية السيطرة على طموحاتها، وبزغت مره واحدة امة تركية تبسط نفسها عرقيا وتاريخيا كسحب متناثرة في سفوح ووديان وجبال ومياه ممتدة من غرب الصين الى الاناضول، فالعديد من السياسيين ما برحوا يذكرون ان العديد من الجمهوريات القوقازية والروسية وفي الصين هي امتداد للثقافة وللتاريخ التركي، حينها تلقف الزعيم التركي (السابق) "طورغات اوزال" البارع ابدا في ابتداع الافكار والمشاريع واطلاق المبادرات كرد للظروف الاقليمية والعالمية المتغيرة، وطرح فكرة (العثمانية الجديدة) وهي التي تقوم على اساس ان تقوم تركيا بدور حيوي وفاعل في محيطها الممتد من بحر الادرياتيك الى سور الصين مرورا بالشرق الاوسط ولقد حول انتهاء الحرب الباردة انظار تركيا وعدوتها اليونان الى ممتلكاتها السابقة في البلقان، ولقد انطلقت تركيا من منطلقات متشابهة مع اليونان دينية وعرقية في سياستها في البلقان بغياب قوة عظمى، واذا كانت العثمانية الجديدة "قد لاقت نقدا من الاتراك " فأن "الجمهورية الثانية" التي نادى بها بعض المثقفين الذين اتهموا انهم عملاء الخارج شرقا وغربا لانها تمس الكيان الجمهوري ومؤسسته العسكرية حارس العلمانية الكمالية، مع ان الجمهورية الثانية افرزت تجاذبات ايديولوجية وقومية حادة، خاصة بعد اكتساب التيار الاسلامي المعتدل نفوذا على مجمل التطور الاجتماعي والثقافي والحضاري في تركيا وحتى على حركتها الاقليمية وعلاقتها الدولية فتركيا تحولت من علمانية ضد الدين بصيغتها السوفيتية والتركية الكمالية التي ترى في الدين خطرا وان الدين مؤشر تخلف الشعوب الى رفع شعارات اكثر تصالحا مع الدين بحيث لا تكون الدولة ساحة للصراعات الدينية الضيقة وهذا ماحدث في فترة حكم "عصمت اينونو" حيث بدأت تركيا تقترب تدريجيا من نمط اقرب الى العلمانية بعيدة عن الدين، الى جعل الدين عبارة عن قواسم مشتركة يخدمها الجميع دون ان تنتسب هذه القواسم لدين معين، وهو نفس منطق " جان جاك روسيو" عندما اخترع فكرة الدين المدني CivicReligion .