آية السيف.. وفلسفة الجهاد في الإسلام رؤية نقدية
آية السيف.. وفلسفة الجهاد في الإسلام رؤية نقدية
الملخص
أولاً: أنَّ مُسمَّى (آية السيف) ليس له أساسٌ في القرآن, حيث لم ترد فيه كلمة السيف ولا مرةٍ واحدة, وإنَّه لم يكن متداولاً على عهدِ الصحابة الأوائل, ولا أوائل المفسِّرين كالطَّبري, وإنَّما ظهر فيما بعد, عند ابن كثير وغيره.
ثانياً: إنَّ ادعاء نسخ آية السيف لغيرها من الآيات الواردة في العفو والصَّفح والسِّلم والتعامل بالحُسنى, قد روي عن قتادة, وربما ابن عباس, وقد ردَّ الطبري في تفسيرهِ هذهِ الأقوال كما ردَّ ذلك آخرون, وقبل البعض ذلك مع اختلافهم في عدد الآيات المنسوخة وتعيينها, فادعاء النَّسخ غير متَّفقٍ عليه وليس تاماً.
ثالثاً: لا يمكن رفع اليد عن مئة وأربعة عشر آية مُحكمة من كلام الله (I), بدعوى لم يُتَّفق عليها, وردِّ أعلام من أئمَّةِ التفسير وعلوم القرآن هذهِ الدعوى, إذ لا يمكن رفع اليد عن كلِّ هذهِ الآيات التامَّات بقولٍ اختُلف فيه ولم يُتَّفق عليه.
رابعاً: إنَّ كثيراً من الموارد التي قيل بنسخها, هي ليست من باب النَّسخ، وإنَّما هي من باب التخصيص أو تقييد المُطلق, أو تغير الحكم لتغيرِّ موضوعهِ, وبذلك ردَّ السيوطي أكثر ما ذكر عن نسخ (آية السيف) لغيرها من الآيات.
خامساً: إنَّ الآيات المُدَّعى نسخها تمثل روح الدين وقيمه السامية في العدل والإنصاف والتعامل بالحُسنى والتعايش السِّلمي فلا يمكن رفع اليد عنها, ليحلَّ محلَّها القتل والعنف... وهو ما اتكأ عليه المتطرِّفون لتبرير أعمالهم العدوانية والإرهابية.
سادساً: إنَّ للآية المذكورة (التوبة: 5) ظروفها وحدودها، وقد ورد عن أئمَّة التفسير والعلماء: إنَّها نزلت في أهلِ مكَّة خاصةً, فلا يمكن إطلاق اليدِ بالعمل بها في أيِّ مكانٍ وزمان, من دون قيدٍ ولا توفر الشَّرائط المذكورة في سياقها.
سابعاً: إنَّ دعوى جواز قتل غير المسلم, والذين لم يؤمنوا... دعوى نشأت ضمن فرقٍ غالية وضالَّة, استخدمت تلك الدعوى لقتل المسلمين وغيرهم بعد الحكم بتكفيرهم, فضلاً عن غيرهم, فالرأي الصواب هو ما قاله الطَّبري: "ولم تصحُّ حجَّة بوجوب حكم الله في المشركين بالقتل بكلِّ حال".
ثامناً: إنَّ الناظر إلى روح الدين ومقاصد الشَّريعة, ممَّا جاء في القرآن الكريم والسُّنَّة الشريفة, يجد أنَّ الرسول الكريم بُعِثَ (رحمةً للعالمين) من لَدُنِ (أرحم الراحمين)، وأنَّه أتى بالشَّريعة السَّمحاء ليُتمِّم مكارم الأخلاق, ولا يمتُّ إلى الإسلام بصلةٍ سلوك تلك الفئة الشاذَّة عن جمهور المسلمين والذين عاشوا في صُلحٍ ووئام مع سائر الناس على اختلاف عقائدهم ومشاربهم عِبرَ التاريخ.