البديع بين أصالة المعنى وتبعيته
البديع بين أصالة المعنى وتبعيته
الملخص
لم يكن يعني مصطلح البديع ما يتبادر إلى الأذهان منه عند المتأخرين من علماء البلاغة، وهو أنه ((علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه على مقتضى الحال، ووضوح الدلالة))([i])، وإنما كان يراد به طرق الأداء اللغوي، ووسائل التصوير الفني وعلى هذا فقد دخل تحته كثير من الأساليب البلاغية التي لا تقتصر على علم بعينه.
يتضح من خلال التعريف الآنف الذكر أن المراد بالبديع هو (التحسين والتزيين)، وأن وظيفته مقصورة على الطلاء والزخرفة.
وبهذا يكون البديع قليل الجدوى في البحث عن القيمة في العمل الأدبي؛ لأنه يقف عند حدود التحسين والتزيين.
ولكن هل هذا الفهم مقبول؟
نقول وبدون أدنى شك، أن هذا الفهم مرفوض؛ لأن الشاعر أو الأديب عندما يستعمل الكلمة فإنه يدرك ما تنطوي عليه من الإيحاءات التي يبث من خلالها تجربته إلى متلقيه، والخلاف لا يكمن في كون البديع تالياً للمعاني وإنما الخلاف في مدى الاعتداد بقوة الكلمة، ودورها في اللغة، وتعلقها بالبلاغة.
إذن يجب أن ننظر إلى الفن بعيداً عن الطبقيات ومقولة العرضي والجوهري، فكما للتشبيه والحذف -مثلاً- قيمتها في المعنى، فإن للجناس، أو الطباق دوراً كبيراً في بيان المعنى، وطريقة التعبير عنه، فبجانب الإيقاع الموسيقي للصورة البديعية، وما يثيره ذلك الإيقاع من انفعالات في النفس الإنسانية فإنها تترامى إلى آفاق بعيدة، حين تكون أداة ناقلة لرؤية المبدع، وخصوصيته في النظر إلى الأشياء، والتعامل معها، مع الاحتفاظ بقيمتها.
والعمل الأدبي ما هو إلا ألفاظ وتراكيب وصور وإيقاعات وأفكار تتعاضد جميعها لتحقق هدفاً واحداً هو إثارة المتلقي وإمتاعه، ومتى ضعف ركن من أركان العمل الأدبي هذا ظهر جلياً على فكرته التي تذوب فيه.
التنزيلات
منشور
إصدار
القسم
الرخصة
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International License.