أثَر موسيقا الشعر في غزل ابن زيدون
أثَر موسيقا الشعر في غزل ابن زيدون
الملخص
لا شك أن الموسيقا تمثل روح الشعر وجوهره وهي احدى المقومات الأساسية التي يعبر من خلالها الشعراء عن افكارهم ومشاعرهم وخلجات نفوسهم . بل اننا لا نبالغ اذا قلنا إن الموسيقا في الشعر هي سبب من الأسباب الرئيسية في المحافظة عليه ووصوله إلينا، فكم من قصيدة خلدت وذاع صيتها، بسبب جمال موسيقاها وروعتها، وكم من قصيدة ماتت وكتب لها الفناء بسبب ركاكة موسيقاها .
ومن هنا وجدت نفسي تميل ميلاً شديداً إلى الكتابة عن الموسيقا في غزل ابن زيدون، هذا الشاعر الكبير الذي عانى ما عانى بسبب حبه من جهة، وبسبب كثرة اعدائه من جهة اخرى . فهو لم ينظم في الغزل الا لأنه عاش تجربة صادقة التظى من خلالها بحب تلك الاميرة الحسناء التي فتحت مغاليق صدره، فأخذ يلهج بذكرها في مختلف اوقاته، بل حتى وهو سجين كسير .
ونظراً لاهمية هذا الموضوع فإني بذلت عصارة جهدي في هذا البحث، محاولاً اظهار براعة ابن زيدون الشعرية وتجربته العميقة في هذا المجال .
وقد ركزت في بحثي هذا على غزل ابن زيدون الذاتي المحسوس، متجاوزاً غزله التقليدي الذي جاء في مقدمات بعض قصائده، والذي اراد فيه مجاراة المشارقة ومَن قبلهم . ولا ريب أن السبب في ذلك إنما يعود الى أن غزل الشاعر الذاتي كان أكثر صدقاً من غزله الاخر التقليدي، وصدق الفن أياً كان هو السبب الرئيس في ابداع الشاعر .
بعد هذه الوقفة الطويلة مع الموسيقا في غزل ابن زيدون , نصل الى النتائج الآتية:
- عاش ابن زيدون حياة متقلبة وغير مستقرة أسهمت بشكل كبير في ظهور ايقاعاته الموسيقية المعبرة التي أطلقها من خلال أشعاره التي وصلت الينا بصورة عامة , وغزله بصورة خاصة .
- برع ابن زيدون أيما براعة في تصوير حاله وهو عاشق محب يأبى بشدة نسيان ماضيه السعيد , مع استحضار واقعة الاليم بأروع القصائد المشحونة بالموسيقا العذبة الشجية .
- استعمل الشاعر بحوراً عديدة في غزله كان على رأسها البحر البسيط , الذي وظفه الشاعر أكثر من غيره للتعبير عن مشاعره وأحاسيسه, بسبب دقة ايقاعه وجزالة موسيقاه .
ان الشاعر وفق توفيقاً كبيراً في استعماله للبحور العروضية تامة ومجزوءة وكان ذلك نابعا من حالته الشعورية التي استدعت النظم في تلك البحور